الأحد، 21 سبتمبر 2014

حقوق المرأة؛ لا تشمل التعليم والعمل

حقوق المرأة؛ لا تشمل التعليم والعمل 



      يقول حسن البنا في بداية كتابه "المرأة المسلمة": ((.. الإسلام يرفع قيمة المرأة ويجعلها شريكة للرجل في الحقوق والواجبات،...وقد اعترف لها بحقوقها الشخصية كاملة وبحقوقها المدنية كاملة وكذلك بحقوقها السياسية كاملة أيضاً...)).
(المرأة المسلمة، ص 7)
      بادئ ذي بدء يجب التنويه إلى إن هذا ليس رأيه وحده ولا من تبعوه فقط، إلا أنه داء تفشى في مجتمعاتنا، حتى بات بإمكاننا القول "أن داخل كل منا عنصري صغير، باسم الدين". حيث أن هذه الفكر دعمته الكثير من الكتب التراثية الدينية، وأغلب من يُدعون رجال وعلماء دين أياً كان توجهاتهم، أو انتماءاتهم المذهبية، وباختلاف المؤسسات التي يدرسون فيها علوم الدين، وأيضاً أغلب أفكار وأدبيات التيارات الدينية المتعددة؛ بداية من هذه التي يُطلق عليها وسطية ثم تأخذ حدة عنصريتهم تجاه المرأة في التزايد تدريجياً وحتى الوصول إلى أكثرهم تشدداً وأصولية.
      والآن؛ علّنا نتساءل هل قدم فعلا رؤية الإسلام للمرأة، أم جاء بإسلام يخصه، صاغ فيه صورة المرأة كما يراها هو، وفي هذه السطور لمحة بسيطة حول رؤيته لحق المرأة في التعليم والعمل.

المرأة والعلوم المختلفة:

    قال حسن البنا عن رأيه في تعليم الفتيات: ((ومن حسن التأديب –يُقصد النساء- أن يعلمهن ما لا غنى لهن عنه من لوازم مهمتهن كالقراءة والكتابة، والحساب والدين وتاريخ السلف الصالح رجلاً ونساءً، وتدبير المنزل والشئون الصحية ومبادئ التربية وسياسة الأطفال وكل ماتحتاج إليه الأم في تنظيم بيتها ورعاية أطفالها .... أما المجالات في غير ذلك من العلوم التي لا حاجة للمرأة بها فعبث لا طائل تحته، فليست المرأة في حاجة إليه وخير لها أن تصرف وقته في النافع المفيد. ليست المرأة في حاجة إلى التبحر في اللغات المختلفة. وليست في حاجة إلى الدراسات الفنية الخاصة، فستعلم عن قريب أن المرأة للمنزل أولاً وأخيراً. وليست المرأة في حاجة إلى التبحر في دراسة الحقوق والقوانين، وحسبها أن تعلم من ذلك ما يحتاج إليه عامة الناس ... ونحن لا نريد أن نقف عند هذا الحد، ولا نريد ما يريد أولئك المغالون المفرطون في تحميل المرأة مالا حاجة لها به ولكنا نقول: علموا المرأة ما هي في حاجة إليه بحكم مهمتها ووظيفتها التي خلقها الله لها: تدبير المنزل ورعاية الطفل)). 
(المرأة المسلمة، ص9-11)
    كما رأى أنه من وسائل إصلاح النشء، إصلاح تعليم المرأة، فقال: ((ترقية تعليم المرأة عندنا وتزويدها في المدارس بالقدر الوافر من الدين والخلق وإفساح المجال في مناهج دراسة البنات للبحوث البيتية وتراجم فضليات النساء .... أما أن تستمر مناهج تعليم البنات عندنا كما هي عليه الآن فتعني بالكمالي والضار وتترك الضروري والنافع؛ فهذا مما لا يبشر بحياة طيبة للنشء الإسلامي. تدرس البنت في مدارسنا الموسيقى واللغة الأجنبية والهندسة الفراغية والقانون الآن، ثم هي لا تعلم شيئا عن تربية الطفل ولا تدبير الصحة ولا عالم النفس ولا الدين والخلق ولا تدبير المنزلي ..!! فأي منهج هذا، وإلى أي غاية يوصل ؟!)) 
(نص المحاضرة التي ألقاها الأمام حسن البنا في جمعية الشبان المسلمين عام 1927 م)
    ويبدو – وفق هذه الرؤية- أن المرأة لا تصلح سوى لتعلم التدبير المنزلي، والغزل والنسيج، وليس لها في العلوم والفنون واللغات والهندسة، فهي علوم تضر بأنوثتها.

المرأة وشغل الوظائف:

    ((يقول كثير من الناس: إن الإسلام لم يُحرم على المرأة مزاولة الأعمال العامة، وليس هناك من النصوص مايُفيد هذا، فأتوني بنص يُحرم ذلك، ومثل هؤلاء مثل من يقول: إن ضرب الوالدين جائز، لأن النهي عنه في الآية أن يُقال لهما: "أف" ولا نص على الضرب. إن الإسلام يُحرم على المرأة أن تكشف بدنها، وأن تخلو بغيرها وأن تخالط سواها، ويحبب إليها الصلاة في بيتها، ويعتبر النظرة سهماً من سهام إبليس، ويُنكر عليها أن تحمل قوساً متشبهة في ذلك بالرجل، أفيُقال بعد هذا أن الإسلام لم ينص على حرمة المرأة للأعمال العامة.))
(المرأة المسلمة، ص18)
    ((... ومن واجبها أن يكون عملها هذا بقدر ضرورتها، لا أن يكون هذا نظامًا عامًّا من حقِّ كل امرأة أن تعمل على أساسه. والكلام في هذه الناحية أكثر من أن يحاط به، ولا سيما في هذا العصر الميكانيكي الذي أصبحت فيه مشكلة البطالة، وتعطل الرجال من أعقد مشاكل المجتمعات البشرية في كل شعب، وفي كل دولة.)) 
(المرأة المسلمة، ص21)
    يبدو هنا أن على المرأة أن تترك أماكن الوظائف خالية من أجل الرجال، حلاً لمشكلة البطالة، فشغل العمل ليس بالكفاءة، وإنما وفق جنس العامل؛ فإن كُتب في أوراقك ذكر فأنت مقبول-مقياس سقيم-.
وعلقت مجلة النذير على طلب عميد كلية التجارة حمدي بك تعيين أربع طالبات في وظائف الدولة، مستنكرة بإيحاءات جنسية في ردها، فقالت: ((إن كل واحدة من هؤلاء المتخرجات إذا لم تعثر على الجليل فهي في وظيفتها لن تعدم الخليل.)) 
(مجلة النذير؛ العدد20، 1358)
    يعقب حسن البنا على طلب الآنسة نعيمة الأيوبي للعمل كمحامية، وفاطمة فهمي للتقدم لمدرسة الهندسة بقوله: (( للمرأة وظيفة في الحياة وهى المنزل، وليس من النافع أن تشارك الرجال فيما يقومون به من الأعمال)).
(مجلة الإخوان المسلمين العدد 8 )
    وفي اعتراض آخر على بعض مكاسب للمرأة في النواحي الوظيفية والتعليمية، قال:(( اسمع يا محرر النذير، أحب أن ألفت نظرك ونظر قرائك إلى هذه الأحاديث النبوية الكريمة والنصائح المحمدية الغالية، فإن فيها تبصرة وذكرى:
1- ما تركت بعدى فتنة هي أضر على الرجال من النساء. 
2- الخمر جماع الإثم، والنساء حبائل الشيطان، وحب الدنيا رأس كل خطيئة. 
3- اتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء. 
4- المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وإنها لا تكون أقرب إلى الله منها فى قعر بيتها)) .
(مجلة النذير؛ العدد 19، 1358هجرية)
   وإن كان استخدامه الأحاديث لا يثبت إلا أنه لم يجد ما يُنصف رأيه العنصري، وما يناسب ما يُعانيه من مرض في نفسه تجاه المرأة، فإن مرتبة صحة هذه الأحاديث أثبتت فشله في أن يجد مُبتغاه؛ فالحديث الأول مرفوع، والثاني ضعيف، والثالث موضوع، والرابع مرفوع. 

   وفي رأيه في حق المرأة الانتخاب أو شغل عضوية البرلمان، قال:

    في الانتخاب: ((يعتبر منح المرأة حق الانتخاب ثورة على الإسلام وثورة على الإنسانية، وكذلك يعتبر انتخاب المرأة ثورة على الإنسانية بنوعيها لمناقضته لما يجب أن تكون عليه المرأة بحسب تكوينها ومرتبتها فى الوجود، فانتخاب المرأة سبة فى النساء ونقص ترمى به الأنوثة)).
(مجلة الإخوان المسلمون 5 يوليو 1947)
     في عضوية المرأة للبرلمان: ((إباحة عضوية البرلمان مطلقاً يتنافى مع خطر الخلوة والاختلاط بالأجانب على النساء، ويتنافى كذلك مع تحريم النظر، ويؤدى إلى كثير من المفاسد ... المرأة لا تكون وزيرة ولا عضواً في البرلمان بحال، فإن من مقتضى إسناد هذه الأعمال إليها الخلوة مع غير ذي المحرم، بل ربما اقتضى ذلك الخلوة مع غير المسلم)).
(مجلة النذير فى العدد 19، 1358هجرية)
     مهمة المرأة زوجها وأولادها وأما يريده دعاة التفرنج وأصحاب الهوى من حقوق الانتخاب والاشتغال بالمحاماة مردود عليهم بأن الرجال، وهم أكمل عقلاً من النساء، لم يحسنوا أداء هذا الحق، فكيف بالنساء وهن ناقصات عقل ودين؟!
(حسن البنا في «حديث الثلاثاء»)

   
    كل هذه الأمثلة لإثبات رأيه –ورأي كل من يشبهونه، كما نوِّه في بدء المقال- بأن حقوق المرأة في الإسلام لا تشمل التعليم والعمل، كل هذا وكأنه لم يترامى إلى مسامعه في يوم من الأيام ذِكر هؤلاء النسوة الصحابيات، ومنهن: 

     "نسيبة بنت كعب"؛ فارسة الإسلام، وبايعت النبي وشهدت معه معارك كثيرة، فكانت تُدافع عن النبي بالسيف وبالقوس؛ فامتدح النبي أدائها وشجاعتها؛ أهداها عمر ثوباً ثميناً لما فعلته مع النبي يوم أحد، حيث قال النبي عنها -يوم أُحد- (ما التفت يميناً ولا شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني، فبعث به إليها). وشهدت معارك في عهد أبي بكر حتى قُتِل مسيلمة. وقطعت يدها في الحرب. 
    "الشفاء بنت عبد الله العدوية القرشية"؛ بايعت النبي بمكة قبل أن يخرج، استأذنت النبي في أن تستمر في علاج الناس كما كانت قبل الإسلام، فأمرها بأن تستمر وتعلم زوجته حفصة بنت عمر، وكان يذهب النبي إليها ويقيل في بيتها، فجعلت له فراشًا ينام فيه، وولها عمر بن الخطاب أمر السوق في عهده. وتوفيت في عهده أيضاً.

    ليس ثمة مانع من صناعة إسلام وفق الهوى، حتى لو بتلفيق الأحاديث، ونشر الضعيف منها، وتسميم العقول، وتدمير صورة المرأة في العقل الجمعي لمجتمعات بأكملها، وسلبها حقوقها. ليس من مانع للحط من صورة الدين؛ وهدم قيم المساواة والعدل فيه، وجعله رمزاً في العالم للرجعية والتخلف.








الجمعة، 19 سبتمبر 2014

(نُشر -سابقاً- بموقع الحوار المتمدن)_ المرأة بين الحجاب والجلباب

المرأة بين الحجاب والجلباب

    إن المشكلة الحقيقية تقع في ضعفنا، وحاجتنا الشديدة لصناعة كهنوت يخبرنا رجالاته أنهم وحدهم القادرون على فهم النص الديني، وما علينا إلا أن نُطيعهم فيما يستنبطونه منه، فيرضى الله عنّا. وإن في هذا الأمر لراحة كبيرة للنفس؛ حيث نُحمل هؤلاء عبء الفهم واستنباط الأحكام الدينية فنُريح ضمائرنا بأننا لسنا المنوط بنا إدراك أوامر ونواهي الله، بل فقط علينا طاعة أوامر ونواهي هؤلاء المُخولين بفهم الله، وإن أخطأوا الفهم؛ فهم سيشاركوننا في حِمل الذنب أو ربما يحملونه كله، أو ربما هم أحباء الله فلا ذنب عليهم ولا على من اتبعهم –وهم أبدا لا يُخطئون، كما لقنونا لقرون وقرون- .

·   ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّلاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ الَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ٭٭٭ تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا ٭٭٭ لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا ٭٭٭ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا ٭٭٭ إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ٭٭٭ لّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاء أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ٭٭٭ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ٭٭٭ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا ٭٭٭ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ٭٭٭  يَا أَيُّها النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (الأحزاب 50-59)

   تقع (الآية 53) -المعروفة بآية الحجاب- محلاً للكثير من التساؤلات غالبا، حول ماهية مفردة الحجاب، وفرضيته بين التخصيص والتعميم، وربط مفردة حجاب بجلباب (الآية 59)، وكثير من مثل هذه الأشياء.
 ﴿يا أَيهَا الذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِي إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ ... إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِي ... وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلوهُن مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ... وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدا... ﴾.

مفردة (حجاب):
   يجب معرفة مفردة (حجاب) في اللغة؛ وهي ليست بمسمى نوع من المبلس، بل كلُّ ما حالَ بين شيئين، كالساتر أو حاجز، أو أي شيء يُفصل به.
   وكما يعتبر خير توضيح لمفردة ما هو اللجوء لاستخدامها في مواضع أخرى من نفس النص الشامل، أي يمكننا الاستدلال على معنى (حجاب) بالاستعانة بنصوص قرآنية أخرى[1]، وقد وردت مفردة (حجاب) ست مرات في القرآن لم تعتبر فيهم كنوع من الملبس، على سبيل المثال:
﴿وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا (الإسراء 45). 
﴿ومَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ ... (الشورى 51)، ويبدو أنه من المستحيل أن يكون الحجاب نوعاً من الملبس، فبالتأكيد لن يرتدي أحداً من الطرفين هنا حجاباً.
﴿كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُون (المطففين 15). 

مسألة التخصيص:
  ويبدو أن (الآية 53) تخص نساء النبي، حيث نجد هنا أن الآيات من (50-57) هي حوار متواصل وجِه للنبي فيما يخص زيجاته؛ فمثلا:
  ظهر حكم كهذا وجِه للنبي في (الآية 52): (لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ...)، وهو أمر بعدم استبدال البني لزوجاته بعد نزول هذه الآية.
  وأيضاً في هذا الحكم في ختام (الآية 53) (... وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدا ...)، وهو ما يمنع الزواج من نساء النبي؛ من بعده.
    وهنا يجب أن يُطرح تساؤل لما لم نتعاط مع هذه الأحكام كما مع (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ). فلا يستبدل إحدى زوجاته بأخرى –ولو أعجبته،لأنه استنفذ عدد الأربع زيجات الشرعية-، كما لا نُزوج النساء عامة بعد أزواجهن. أو على الأقل لما لا نتعامل مع الحكم في ختام (الآية 53) كما مع الحكم في بدايتها؛ فنخصص التعامل بين الرجال والنساء النبي من وراء حُجب كما نخصص عدم زواج زوجات النبي من بعده؟!.
   وبذلك فمن الواضح أن الحكم هنا خاص، والمقصود منه أن يكون بين نساء النبي وبين من احتاج من الرجال الغرباء أن يطلب منهن شيئاً حائلاً، أو حاجزاً؛ حجاباً. –وفقاً للنص القرآني فقط-
    وفرضاً إذا تعاملنا وفق هوى الكهنوت بأن هذا الحجاب -المذكور في الآية- حكم عام لكل النساء، فلننظر بعض رواياتهم حول (الآية 53)؛ علها توضح فكرة تعميم الحكم!
     وروت الكتب الوضعية المنشغلة بأمور الدين –فيما بعد- أن هذه الآية –آية الحجاب- نزلت بعدما قال عمر- رضي الله عنه- "يا رسول الله، يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب"[2]. وعلى الرغم من أن الحادثة تبدو محاولة لإضفاء بعض ملامح البطل الأسطوري على شخصية الخليفة الراشد عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-، فإنها تُخصص مضمون الآية لنساء النبي وظروفهم الخاصة بتردد القاصي والداني على النبي بسبب النبوة والتعرف على الدين وأموره.
    وعلى رغم من أن الوحي الإلهي خص نساء النبي بالحكم، وحتى قصصهم الوضعية أبت أن تخدم عمومية الفكرة، بل أظهرت خصوصيتها وفق علتهم حول نزول الآية،إلا أن تلك الكتب آثرت أن تلوي عنق الحقيقة، وتشرح الآية بهذا الشكل: (وإذا سألتم أزواج النبي-صلى الله عليه وسلم-، ونساء المؤمنين؛ اللواتي لسن لكم بأزواج، متاعًا، فاسألوهن من وراء حجاب-من وراء ستر بينكم وبينهن-، وليس هناك ضير من إضافة (ونساء المؤمنين؛ اللواتي لسن لكم بأزواج) طالما أنها تُرضي أهواء رجالات تلك كتاب.
    وكأنهم يُصرون على أن الوحي الإلهي يعجز عن صياغة أحكامه بحيث يُفرق بين العام والخاص فيسهل على البشر فهمه؛ ومن ثم تنفيذه. إلا أن النص القرآني لم يقف عاجزاً عن توضيح الفرق بين التخصيص والتعميم-كلما أراد ذلك-، وهناك الكثير والكثير لتوضيح العام والخاص من صيغ المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، ولكن الجدير بالتناول هنا ما يخص النساء، وخاصة في هذه الجزئية، فمثلاً -وفي سورة الأحزاب أيضاً- تكررت فكرة التخصيص والتعميم:
   في (الآيات 30-31) في عقوبة الفاحشة (يا نساء النبي مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ... وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ...)، ويبدو أن لهم وضعاً خاصاً في مضاعفة الثواب والعقاب.
  في (الآية 28) حين وجِه الخطاب لأزواج النبي (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ ... )، وحين وجِه للنساء كافة في (الآية 59) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ...)

بين الحجاب والجلباب:

     أي أن (الآية 59) (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما) تعد هي الحكم العام؛ حيث أضاف "نساء المؤمنين" ليوضح أن الحكم جامع وعام.
 وقبل الدخول في عالم الجلباب يجب فض لاشتباك بينه وبين الحجاب، فكما اتضح أن الحجاب ليس نوعاً من الملبس، في حين أن الجلباب نوعاً منه. كما أن الحجاب ذُكِر في حكم خاص بنساء النبي، في حين عُمم الجلباب على النساء كافة.
ولا يمكن التعرف على الجلباب بمعزل عن (الآية 31/النور) –حيث ذُكِرت كأمر عام أيضاً-؛ لتكوين فكرة متكاملة عن شكل هذا الملبس المقصود.
 ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يغضضن مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ َوَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهن على جُيُوبِهن ... (النور 31).
    وهذا تعريف للـ(الجلباب) في المعاجم المختلفة حيث عُرف بالإزار أو القميص أو ملحفة (أي رداء فوق الملابس ينحدر من الرأس إلى أسفل-لم تورد المعاجم ربطاً بينه وبين تغطية الوجه، إنما الكتب الوضعية المنشغلة بأمور الدين-)، أو وصف قريب لعباءة المغاربة حالياً. ويبدو من هذه المعان المتعددة للجلباب أنه لفظة أُطلقت على أكثر من تصميم ملبسي.
     ويبدو من الآية أنها لم تخترع الجلباب إلا أنها عدلت منه، فقالت (يُدنين عليهن من جلابيبهن). أي أنهن فعلياً يرتدين ما يُسمى بالجلباب، ولكن يبدو أنه ذو تصميم مختلف؛ حيث قيل أن من نساء العرب قديماً من كُن يمشين بين الرجال كاشفات صدورهن، وأرجلهن ليظهرن الخلخال؛ والمطلوب منهن في ضوء (الآية 59/الأحزاب) أن يرسلنه على أجسادهن. ويدعم هذا (الآية 31/النور) التي جاءت لتأمر بتغطية الجيب؛ والذي يُقصد به الصدر، (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) –فهي لم تخترع الخُمُر، إنما أمرت بتغطيتها للصدر). كما أمرت بعدم إظهار الزينة إلا ما لا يُمكن إخفائه منها؛ وقد اختلفت الكتب الوضعية المنشغلة بأمور الدين كثيراً في تحديد ما لا يُخفى من الزينة، فقيل الزينة نوعان الخاتم والأسورة وهذه يراها المحارم فقط، والثياب الظاهرة وهذه يراها الناس. وذهب آخرون تشدداً وجعلوا ما يظهر للناس الوجه والكفين فقط بلا الأقراط أو الخلخال والقلادة-ولن نذهب إلى من هم أكثر تطرفاً من ذلك، وآخرون كانوا أكثر سلاسة فسمحوا بالخاتم والخلخال، وبعضهم بالخاتم فقط.
    ويبدو أن الآيات تهدف لتغيير من مظهر ملبس النساء عامة، فوفقاً للآيات (...يُدنين عليهن من جلابيبهن ..) و(... ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ويضربن بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ...) فلا يظهرن من الزينة إلا ما لا يُخفيه الجلباب، وهذا الجلباب لا يكون مئزر–نوع من الجلباب- كاشفاً للصدر. وبهذا يبدو أن الهدف ليس تحديد شكل ثابت بل دعوة للارتداء ثياب ملائمة، غير مبتذلة. 

    وإذا لجأنا إلى الكتب الوضعية المنشغلة بأمور الدين -التي يبدو أن الغالبية تقدسها كثيرا حتى أنها صارت في مقام النص القرآني؛ على حد سواء- فإن هذه الكتب تذكر أن الآيات نزلت لعلة التفريق بين الإماء والحرائر، وعورة الأمة تختلف كثيرا عن الحرائر –في تلك الكتب- حيث تشبه عورة الرجل تقريبا، حيث كانت ترتدي إزاراً فقط -وهو أحد أنواع الجلباب يُغطي الجزء الأسفل من الجسم-. والذي اتضح أن الحرائر كن يرتدينه أحياناً، أو يرتدين نوعاً من الجلابيب والخُمُر مفتوحة الصدر-كما ذكرنا سابقاً أنهن كنا يكشفن صدورهن وأرجلهن-. أي أن المقصود هنا أن على الحرة تغيير مظهر جلبابها ليتميز بحشمة ووقار، للتفريق بينها وبين الجواري، ودعموا قولهم حول علة التفريق بـ (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) أي يُعرف أنهن حرائر فلا يتعرض لهن أحد بأذى-حيث قيل أن الرجال كانوا يجلسون على الطرقات لتغزل بهن أو مواقعتهن-.
     ويبدو واضحاً وضوح الشمس أن هذه العلة انتفت بعد مواثيق حقوق الإنسان وتجريم العبودية، فلما الاستمرار في تطبيق النص. هذا إن اتفقنا معهم في ربط النص القرآني بهه العلة، وإن قبِلنا أن هناك فوارق في عورة الأمة والحرة، رغم أن القرآن لم يذكر فوارق بين عورة الحرة والأمة، ولم تخص الآيات السابقة بكلمة واحدة الحرائر وحدهن.
     والآن على رجالات الكتب الوضعية المنشغلة بأمور الدين أن يجيبوا على تساؤلات عدة منها؛ لما عممتم حكم من وراء حجاب، وربطتم بين الحجاب والجلباب والخُمر، وعرفتم الحجاب على أنه ملبس، ولما سربلتم النساء بسرابيل سود، ثم ناديتم برفض المواثيق الدولية، لتعيدوا الجواري عاريا إلى طرقاتكم؟! ولكن ما هو الغريب بأن تكون الأمة عارية في فاترينات الأسواق والحرة متسربلة حبيسة الحجب، فهوى رجالات الكتب الوضعية المنشغلة بأمور الدين وحده كان هو من خصص الأحكام وعممها، فكما سرى تخصيص حكمي عدم استبدال النبي إحدى زوجاته بأخرى –ولو أعجبته-، وعدم تزويج نسائه من بعده، ومن ثم تعميم الحجب؛ فرجالات الكتب الوضعية المنشغلة بأمور الدين لن يعمموا فسيمنعون زواج النساء بعد أزواجهن، فتركوه كما جاء بنصه القرآني حكم خاص –ليس مراعاة لحق المرأة في حياة زوجية- وإنما لن يسمحوا بتقليل عدد النساء المتاح، كما تركوا عدم استبدال الزوجات كما جاء بنصه القرآني حكم خاص فإن عمموه فكيف لهم بعد ذلك تطليق إحدى الزوجات الأربع –المسموح بهن شرعاً- للحصول على أخرى جديدة. لكن لا يُهم أن يعمموا حكم من وراء حجاب الخاص بنساء النبي، ولا يهم أن يعرفونه على أنه ملبس ويجعلون تصميمه الأكثر إيماناً أن تشبه النساء الغربان–وفق بعض مروياتهم- ، ما دام الإماء لهن أحكاماً أخرى؛ فتركهن بمآزر في الطرقات، فهن لسن ممن قال الله نهم ﴿إنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ، إنهم يشترونهم لأغراض أخرى.
   إن رجالات الكتب الوضعية المنشغلة بأمور الدين خصصوا ما أراد هواهم تخصيصه من أحكام بالنبي وآل بيته ونسائه، وعمموا ما أردوا تعميمه. وختاماً فإن عليهم أن ينوأوا  أمام الله وحده؛ بحمولات تحويرهم لكلمات كتابه العزيز، خدمة لسلطان كهوتهم وأهوائه . 


ـــــ (نُشر -سابقاً- بموقع الحوار المتمدن)_ على الرابط التالي:






[1] وردت مفردة (حجاب) سبع مرات في القرآن-تتضمن الآية المعروفة بآية الحجاب، بالإضافة لاستخدام الجذر (حجب) مرة في (محجوبون).
[2] تعتبر كتب التراث الدينية الوضعية هذه الحادثة إحدى موافقات الوحي لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه-، وهي من صفاته العظيمة.

الأربعاء، 4 يونيو 2014

عيد الأسابيع (חג שבועות שמח)


عيد الأسابيع


    يحل موعده في شهر سيوان من السنة اليهودية (آخر مايو/يونيو). واشتُقت تسمية عيد الأسابيع، أو يوم الخمسين؛ وفقاً لكيفية حساب موعد العيد؛ حيث يُحدد بمرور سبعة أسابيع، أي تسعة وأربعون يوماً بعد عيد الفصح التثنية (16/9- 10)، اللاويين (23/15- 22).

    كما يُعد هذا اليوم –السادس من سيوان- ذكرى تلقي الشريعة، حيث اجتمع بنو إسرائيل على جبل سيناء كما ورد في (التثنية 4/ 10-14)، ولذا سُمي أيضاً عيد تنزيل التوراة أو يوم تلقي الشريعة أو يوم الاجتماع.

    ويُسمى أيضاً عيد الحصاد، أو عيد البواكير؛ حيث يحل هذا العيد في نهاية الربيع وبداية الصيف، فتُزين المعابد والمنازل بالزهور وفروع الأشجار، ويحتفل الفلاحون بحصادهم، ويشكرون الرب عليه، ويقدمون بواكير محاصيلهم للكهنة في الهيكل، كما ورد في الخروج (23/16)، العدد (28/26). وكانت هذه البواكير هي المحاصيل السبعة التي تشتهر بهم أرض إسرائيل وهي-كما وردت في سفر التثنية (8/8): الحنطة والشعير والكروم والتين والرمان وزيتون (الزيت) والعسل (التمر). أما حالياً فتُقام في بعض القرى التعاونية (الكيبوتس) احتفالات رمزية تذكارية لتقديم البواكير.

    ويتميز هذا العيد بمأكولاته الشهية حيث اعتادوا على خبز خُبز طويل له أربعة رؤوس رمزاً لبرج الجوزاء. والأهم من ذلك إعداد الكثير من الأطعمة اللذيذة الغنية بالقشدة والجبن الدسم مثل: كعك الجبن (بوريكاس)، والفطائر المُحلاة المحشوة بالجبن (بان-كيك)، وغيرهم.

    وترجع عادة استخدام الألبان بكثرة في هذا العيد إلى ما تكرر ذكره في العهد القديم عن أرض إسرائيل التي تفيض لبناً وعسلاً (الخروج 3/8، 17)، (13/5)، اللاويين (20/24)، العدد(13/27)، (14/8)، (16/13- 14)، التثنية (11/9)، (26/9، 15)، (31/20)، إشعيا (7/22)، إرميا (32/22)، حزقيال (20/6). كما تروي الأسطورة أن الملائكة التي زارت "إبراهيم" أكلت لديه اللحم والجبن، فجاء ضمن الشريعة الموسوية منع خلط أواني اللحم والجبن، لكي لا يفعل بنو إسرائيل مثل الملائكة، وحفاظاً منهم على هذه الشريعة يتناولون منتجات الألبان فقط في هذا العيد؛ عيد تنزيل التوراة.


الخميس، 1 مايو 2014

حلم صغير (فراشة)

حلم صغير (فراشة) 


لم أنعم بالحب قط ؛؛ لكنني امتلكت حلماً صغيراً ؛؛ 

كان يزورني كل مساء ..؛

يطير حولي كفراشة زاهية اﻷلوان؛؛

 تملؤها الحياة؛؛

 فنلهو بين زهرات النرجس البيضاء -حتى ينقضي المساء-؛

وذات مساء؛؛ علمت أنهم سيسطون على اﻷحلام ؛؛

 أن بضعة بلدوزرات ستدهس الزهرات ؛؛

 وتسلب الألوان من الفراشات ..؛

فنبشت حفرة صغيرة -قرب حافة شرفتي- وخبأت فيها فراشتي؛

 وأهلت عليها ذرات التراب .. ؛


وما علمت حينها أنني ما سلبتها فقط اﻷلوان؛


وإنما سلبتها أيضا الحياة .. ؛


قتلت حلمي .. وما عدت أنعم حتى باﻷحلام ..؛